الحركات الليبرالية والقومية في أوربا في القرن التاسع عشر
مقدمة: يعتبر القرن التاسع عشر مرحلة هامة في تاريخ أوربا حيث تميز بالصراع بين الأنظمة المحافظة
الإقطاعية والحركات الليبرالية التحررية والقومية، التي تزعمتها البرجوازية. كما تميز ببداية التوسع
الاستعماري خارج أوربا.
انتشرت مبادئ الليبرالية والقومية بأوربا عقب الثورة الفرنسية والتوسعات
النابوليونية
1انتشار الأفكار الليبرالية والقومية: ظهر المذهب الليبرالي " الحر " في أواخر القرن السابع عشر )
بإنجلترا. ويقوم على مبدأ الحرية الاقتصادية في المجال الاقتصادي والحريات الفردية والسياسية في
المجال السياسي. وانحصرت مبادئ الليبرالية في فكر الأنوار، تبنتها الثورة الفرنسية كمبادئ سياسية،
فأصبحت إيديولوجيا للبرجوازية ضد الأنظمة الاستبدادية، تلخصت في شعار الثورة الفرنسية الحرية،
المساواة، الإخاء
وأصبحت فرنسا تتزعم التيار الليبرالي التحرري، خاصة بعد سيطرة نابوليون على السلطة في فرنسا،
عقب انقلابه ضد حكومة الإدارة، وتوسعاته في أوربا حيث كسب عطف الشعوب الأوربية الخاضعة
للأنظمة الاستبدادية. لكن تحالف الإمبراطوريات الفيودالية مثل روسيا، بروسيا، النمسا، وانحراف أهداف
نابوليون عن نشر الفكر التحرري إلى التوسع والاستعمار، مما أدى إلى تراجع التوسعات النابوليونية،
حيث تعددت انهزاماته أمام الدول المتحالفة حتى معركة واترلو 18 يونيو 1815 ، والتي وضعت حدا
لتوسعاته.
2معارضة قرارات مؤتمر فيينا لمبادئ الليبرالية والقومية: انعقد مؤتمر فيينا ما بين نونبر 1814 )
ويونيو 1815 تحت هيمنة الدول المتحالفة ضد نابويليون وهي: روسيا، بروسيا، ابريطانيا والنمسا التي
مثلها مستشارها مترنيخ، الذي هيمنت شخصيته على أشغال المؤتمر. واستهدفت قرارات المؤتمر إضعاف
فرنسا تحت فكرة تحقيق التوازن الدولي؛ حيث أفقدتها جميع المناطق التي سيطرت عليها أيام نابوليون.
وأحاطت فرنسا بمجموعة من الدويلات، فتغيرت خريطة أوربا. وسيطرت الدول المتحالفة على مناطق
واسعة وعقدت فيما بينها تحالفات: الحلف المقدس بين روسيا بروسيا والنمسا، والحلف الرباعي الذي يضم
ابريطانيا إلى جانب دول الحلف المقدس. لكن قرارات مؤتمر فيينا لم تقض على الفكر الليبرالي والحركات
التحررية حيث تحالفت البرجوازية مع المثقفين وأسسوا جمعيات سرية مناهضة للفكر الإستبدادي، أهمها
جمعية الكربوناري بمملكة نابولي بإيطاليا. وبرز الإتجاه القومي، معتمدا على الاختلافات اللغوية والعرقية
والدينية والعادات، وتبنى إعلان حقوق الإنسان والمواطن. وعارضت الأفكار القومية التقسيمات التي
أحدثتها قرارات مؤتمر فيينا.
استمر كفاح الحركات الليبرالية والقومية ضد قرارات مؤتمر فيينا، وكانت له عدة
نتائج أهمها تحقيق الوحدتين الألمانية والإيطالية
1848 : أدت إلى عدة نتائج ويمكن تقسيمها إلى مرحلتين أساسيتين: - 1ثورات 1815 )
1830 : مثلت هذه المرحلة الصراع بين البرجوازية والإقطاع ودفاع الطبقة - أ ) المرحلة الأولى 1815
العاملة عن مصالحها. لكن جل الثورات قمعت من طرف الأنظمة الاستبدادية ماعدا المناطق التي حصلت
على الاستقلال وهي بلجيكا واليونان .
.1830- أنظر الجدول التالي: أحداث 1815
كان هدف جمعية الكربوناري هو توحيد إيطاليا والقضاء على النفوذ النمساوي. وفي 1820
تمرد الجيش وسيطر على السلطة. لكن الثورة قمعت من طرف النمسا.
إيطاليا
1820 انتفض الجيش بمدينة قادس وتشكلت حكومة من البرجوازية والنبلاء. وتدخلت فرنسا
بإيعاز من دول الحلف المقدس للقضاء على الثورة.
إسبانيا
1817 قيام عدة انتفاضات تنادي بالحد من الملكية المطلقة. وفي 1830 قيام ثورات تنادي
بالوحدة الألمانية، مما أدى إلى تدخل النمسا للقضاء عليها وإلغاء الحريات العامة.
ألمانيا
قرر مؤتمر فيينا تقسيمها بين روسيا وبروسيا والنمسا. وأدى نشاط الحركات القومية إلى إعلان
. الاستقلال في 1830 ، فتدخلت روسيا وسيطرت على البلاد في 1831
بولونيا
1814 اعتلى العرش لويس 18 وأعاد الإقطاع للسلطة بشكل متوازن مع البرجوازية .
1824 تولى السلطة شارل العاشر وانحاز للتيار المحافظ، واحتل الجزائر كحل للأزمة الداخلية،
1848 الذي قضى على - مم أدى إلى ثورة باريس بزعامة البرجوازية، فخلفه لويس فليب 1830
الثورة وحكم حكما استبداديا.
فرنسافي 1822 أعلنت استقلالها عن العثمانيين الذين حاولوا استرجاعها. لكن إعلان روسيا الحرب
على تركيا وتدخل فرنسا وابريطانيا إلى جانب اليونان، فاضطرت تركيا إلى الاعتراف باستقلال
. اليونان في 1828
اليونان
قرر مؤتمر فيينا إدماجها مع هولندا وتشكيل مملكة الأراضي المنخفضة. لكن الاضطهاد
. الهولندي دفع البلجيكيين إلى الثورة وإعلان الاستقلال في 1830
بلجيكا
ب ) المرحلة الثانية: تمثلت في ثورات 1848 ، وبرز خلالها الصراع بين ثلاث طبقات: البرجوازية،
الإقطاع والطبقة العاملة. ويتجلى ذلك في النماذج التالية:
1848 عزل لويس فليب وتم إعلان قيام الجمهورية الثانية. وتكونت حكومة برجوازية، فتطور
الصراع بين الطبقة العاماة والبرجوازية التي أسندت السلطة للجيش بقيادة كافينياك الذي أخمد
الثورة بالقوة. وتولى السلطة لويس بونابارت بعد نجاحه في الانتخابات. وحكم حكما استبداديا
. عندما أعلن نفسه إمبراطورا حاملا لقب نابوليون الثالث. ودام حكمه حتى سنة 1870
فرنسا
1848 استقل مترنيخ عقب الثورة التي تزعمها المثقفون، وتأسس الدستور والبرلمان. وطالب
المجريون بالاستقلال، وتدخلت روسيا لمساعدة النمسا ضد ثورة المجر. كما فشلت محاولات
استقلال بعض الإمارات الإيطالية عن النفوذ النمساوي.
النمسا
قامت الثورة واضطر ملك بروسيا القيام ببعض الإصلاحات كإحداث الدستور وانتخاب البرلمان.
لكن البرجوازية الألمانية تحالفت مع الإقطاع مستفيدة مما وقع في فرنسا ولتتجنب الصراع مع
الطبقة العاملة.
ألمانيا
2تكونت الدولة القومية بإيطاليا بقيادة مملكة البييمونت وفي ألمانيا بقيادة بروسيا )
أ ) الوحدة الإيطالية: كانت إيطاليا مقسمة إلى سبع إمارات، ثلاث منها مستقلة والباقي تحت نفوذ النمسا،
إضافة إلى ممتلكات الكنيسة. وكانت مملكة البييمونت أكثر الإمارات تطورا من الناحية السياسية
والاقتصادية حيث تتمتع بملكية دستورية منذ 1848 وعلى رأسها الملك فكتور إمانويل. ولعب كافور دورا
هاما في تحقيق الوحدة الإيطالية حيث كان يتزعم التيار الليبرالي الملكي المنسجم مع تطلعات البرجوازية.
وتمكن من توحيد إيطاليا بمساعدة غاريبالدي الذي قاد المتطوعين وحرر معظم الأراضي الجنوبية تحت
سلطة ملك البييمونت إيمانويل الثاني الذي أعلن ملكا على مجموع إيطاليا سنة 1861 ، ماعدا الأراضي
الخاضعة للكنيسة.
ب ) الوحدة الألمانية: عرفت بروسيا تطورات اقتصادية هامة خاصة في المجال الصناعي، لكن التجزئة
السياسية تحد من ذلك التطور، فأصبح هدف البرجوازية هو تحقيق الوحدة السياسية. وفي 1862 تولى
بسمارك منصب الوزير الأول " المستشارية " واعتمد على قوة بروسيا العسكرية وعلى نضج الوعي
القومي الألماني. وتمكن من تحقيق الوحدة الألمانية بالقضاء على الهيمنة الأجنبية حيث حارب الدانمارك
وهزم فرنسا في معركة ، Sadowa وانتصر في 1864 ، كما انتصر على النمسا في معركة سادوا 1866
وسيطر على الألزاس واللورين. وعرفت سياسته بسياسة الحديد والدم. وانضمت sedan سدان 1870
الإمارات الألمانية الأخرى إلى الإتحاد الألماني بزعامة بروسيا، والذي أصبح يعرف بالإمبراطورية
الألمانية بعد تتويج غليوم الأول إمبراطورا على ألمانيا.
خاتمة: بعد تحقيق الوحدتين الإيطالية والألمانية، عرفت أوربا تغييرا في موازين القوة حيث هيمنت القوة
الألمانية على السياسة الأوربية. وبدأت كل من إيطاليا وألمانيا تتسابق للحصول على أسواق ومستعمرات
خارج أوربا وتنافس الدول الاستعمارية الأخرى خاصة ابريطانيا وفرنس
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire