samedi 3 avril 2010

الوسطية بين الإفراط والتفريط


وسطية الإسلام تستلزم الابتعاد عن الإفراط والتفريط في كل شيء ، لأن الزيادة على المطلوب في الأمر إفراط ، والنقص عنه تفريط ، وكل من الإفراط والتفريط خروج عن جادة الطريق .
فوسطية الإسلام تقتضى إيجاد شخصية إسلامية متزنة تقتدي بالسلف الصالح في شمول فهمهم واعتدال منهجهم وسلامة سلوكهم من الإفراط والتفريط ، والتحذير من الشطط في أي جانب من جوانب الدين ، والتأكيد على النظرة المعتدلة المنصفة والموقف المتزن من المؤسسات والأشخاص في الجرح والتعديل
فوسطية الإسلام تلزم الأمة الإسلامية بمقاومة الغلو والتطرف في الدين ، ورد الغلاة إلى منهج الاعتدال والحكمة ، ورعاية حقوق نفسه وحقوق غيره ، وحينما نتحدث عن وسطية الإسلام يتبادر إلى أذهاننا ما يقابلها من كلمة سائدة على ألسنة الناس اليوم وهي التطرف الديني ، فالإسلام يدعو إلى الوسطية ويحذر من التطرف بجميع صوره وأشكاله .
وقد ألف فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي كتابا في هذا الصدد تحت عنوان : " الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف " ، وبين فيه حقيقة التطرف وأسبابه وسبل العلاج منه ، وسنذكر نبذة ملخصة مما قال .
فالنصوص الإسلامية تدعو إلى الاعتدال وتحذر من التطرف ، وتعبر عنه بعدة ألفاظ منها : الغلو والتنطع والتشديد ، فمن خلال تلك النصوص أصبح من الواضح الجلي أن الإسلام ينفر أشد النفور من هذا الغلو ويحذر منه أشد التحذير .
قال تعالى : )) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ (77) )) المائدة
وقال تعالى : (( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً (171) )) النساء
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إياكم والغلو في الدين ، فإنما هلك من قبلكم بالغلو في الدين )) مسلم
ويقول شيخ الإسلام ابن تمية : قوله " إياكم والغلو في الدين " عام في جميع أنواع الغلو في الاعتقادات والأعمال .
عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( هلك المتنطعون " قالها ثلاثا )) مسلم
أي المتعمقون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم ."
عن أنس بن مالك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( لاتشددوا على أنفسكم ، فيشدد عليكم ، فإن قوما شددوا على أنفسهم فشدد عليهم ... ))
قال تعالى : (( يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) )) الأعراف
وقال تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87) )) المائدة
وقد اتضح من النصوص الشرعية المذكورة وغيرها أن الإسلام منهج وسط في كل شيء ، في التصور والاعتقاد والتعبد والتنسك والأخلاق والسلوك والمعاملة والتشريع ، وينهى عن الغلو والتطرف .
الإسلام دين الوسطية
"وكذلك جعلناكم أمة وسطا "
هكذا قال ربنا عز وجل مبيناً واحدة من خصائص هذا الدين وهذه الأمة الإسلامية وهى الوسطية فلا تفريط ولا إفراط يدخل المسلم المسجد ليقضى فريضة الله ثم يخرج ليمارس عمله ومتطلبات حياته ولكن لا يدخل المسجد ويمكث فيه عمره كله لا يخرج منه وكذلك لا يصوم الدهر كله بل يصوم ويفطر والذين جاءوا إلى رسول الله e فقال أحدهم : أما فأصوم الدهر ولا أفطر وقال الثانى : أما أنا فأقوم أصلى ولا أرقد وقال الآخر : أما أنا فاعتزل النساء فلما علم النبى e بحديثهم هذا قال لهم :" أما إنى أتقاكم لله وأخشاكم له ولكنى أصوم وأفطر وأصلى وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتى فليس منى .
ويستوعب الدرس جيداً الصحابى الجليل سلمان الفارسى رضى الله عنه الذى يرى رجلاً مسلماً يقوم الليل ويصوم النهار فيضيع بذلك حق امرأته عليه فيقول له : إن لربك عليك حقاً ولأهلك عليك حقاً فاعط كل ذى حق حقه ، ويقره النبى على ذلك ويقول :" صدق سلمان" .
فالإسلام وسط بين طائفة ألفت الجانب التعبيرى واقتصرت على الجانب الأخلاقى كالبوذية وبين طائفة تفرغت للعبادة والإنقطاع عن الحياة والإنتاج كالرهبانية المسيحية لكن الإسلام يكلف المسلم أداء شعائر محدودة فى اليوم كالصلاة أو فى السنة كالصوم أو فى العمر كالحج ليظل موصولاً بالله دائماً ثم يطلق بعد ذلك ساعياً منتجاً يمشى فى الأرض ويأكل من رزق الله .
ووسطية الإسلام فى الأخلاق واضحة بينة بين غلاة المثاليين الذين تخيلوا الإنسان ملاكاً أو شبه ملاك فوضعوا له من القيم والآداب ما لا يمكن له وبين غلاة الواقعيين الذين حسبوه حيواناً أو كالحيوان فأرادوا له من السلوك ما لا يليق به وكانت نظرة الإسلام وسطاً بين هؤلاء فالإنسان فى نظر الإسلام مخلوق مركب فيه العقل وفيه الشهوة قد هدى إلى الخير وإلى الشر وفيه استعداده للفجور واستعداده للتقوى ومهمته جهاد نفسه حتى تتزكى .
والإسلام وسط بين من شرعوا تعدد الزيجات بغير عدد أو قيد وبين من أنكره ورفضه ولو اقتضته مصلحة وفرضته الضرورة والحاجة فقد شرع الإسلام التعدد بشرط العدل بين الزوجتين وإلا فلا "فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة" .
وعن وسطية الإسلام يقول الدنماركى المسلم على يولى:
"إن الاعتدال والتوسط فى كل شئ ، هما الفكرة الأساسية فى الإسلام

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire